رؤية
سائح من قلب مصر....
مما لا شك فيه ان اعصار الأزمة المالية العالمية الذي ضرب الولايات المتحدة الأمريكية منذ عدة شهور وجر معه كيانات اقتصادية كبري في دول متفرقة من العالم سيؤثر سلبا علي اقتصادنا في مصر ومن أجل التصدي لهذه الأزمة, لابد أن يكون لدينا فكر او حتي مجرد تصور لمواجهة توابعها التي رجت العالم رجا, باعتبار مصر جزءا من هذا العالم, وهو ما يعني ان نعيد النظر في مصادر دخلنا القومي والذي يعد قطاع السياحة واحدا من أهم هذه المصادر, خاصة بعد ما أعلن مؤخرا ان2009 سيكون عاما غاية في الصعوبة علي السياحة في مصر, وهو ما يقتضي سرعة التحرك لانقاذ هذا القطاع بجذب السائح المصري وتشجيعه علي السياحة الداخلية. وحتي يكون الكلام منطقيا وعلي ارض واقع مصر يجب ان تضع الدولة برامج متعددة لتعديل مفاهيم العنصر البشري الذي يعمل في الساحة أولا بدءا من شركات السياحة نفسها التي تقوم بالحجز مرورا بوسائل النقل التي يستخدمها السائح, والفنادق والمطاعم التي يرتادها, انتهاء بالموظفين والعمال الذين يقومون علي خدمة السائح في الفندق, فجميعهم وبلا استثناء يفضلون السائح الأجنبي عن المصري بل ويفرطون في تدليل الأول ويتفننون في العكننة علي الثاني.
وقد لمسنا ذلك بأنفسنا في رحلة نظمتها نقابة الصحفيين في شرم الشيخ الأسبوع الماضي حيث تصادف وصول فوج من السياح الأجانب مع وفد نقابة الصحفيين المصريين الي الفندق وكان5 نجوم في منطقة الربوة, فقام الفندق بتقديم مشروب الضيافة للفوج الأجنبي بينما طلب من المصري ان ينتظر حتي يتم تسكين الأجنبي وطال الانتظار كثيرا الي ما بعد العصر وهو ما سبب الضيق لكثير من الأسر المصرية. واذا انتقلنا للمشهد الثاني في المطعم فحدث ولا حرج فعند باب المطعم تجد شخصا متجهما يؤشر لك بيده اليمني بعد أن يتأكد من سحنتك انك مصري, ويأمرك بالتوجه الي البوفيه علي الجانب الأيمن, وعليك أن تتقبل قدرك دون اعتراض حيث الطعام الرديء الذي لا يسر عدوا ولا حبيبا. أما اذا كان السائح فاتح البشرة وملامحه اجنبية فيتجه الي البوفيه علي الجانب الأيسر حيث نوعية الأطعمة ارقي واجود ومن كل شكل وصنف, واذا حدث واقترب سائح ينتمي الي الفوج المصري من ماكينة المشروبات الغازية ليملأ منها كوبا يكون مصيره اللوم والتوبيخ, فكيف يتجرأ علي الاختلاط بالصفوة, وهو الذي يحمل الأسورة الخضراء علامة السائح المصري المضروب!
ألم يئن الأوان لتغيير صورة السائح المصري ورد بعض من كرامته التي سلبت منه علي مر العصور داخل بلده, ولا سيما في ظل هذه الأزمة علي الأقل هو ابن مصر ومن قلب مصر؟
رؤية الاهرام 3/3/2009