الجنيه غلب الكارنيه
مقولة شعبية.. أصبحت هي العبارة الأشهر في حياتنا اليومية.. بل هي تعبير حقيقي عن نمط سلوك يحكم كل شيء حولنا.. أصبح الجنيه كلمة السر في أي جهة حكومية.. وشكلت المدفوعات غير المبررة الفيصل الوحيد في الحصول علي الخدمة أولا.
وبموافقة من الطرفين يتم هذا وفي وضح النهار وبدون أدني إدانة مجتمعية لما يحدث.. رضينا أن يحكمنا الجنيه المدفوع لموظف لنحصل علي حقنا.. اتفق في هذا الأمر الذي لا يحمل أي شهادات والمتعلم الحامل للدكتوراة.. ويتساوي فيها الصعلوك والبيه حامل الكارنيه الوجيه الذي كان فيما سبق يفتح الأبواب المغلقة.. اختفت الوجاهة الاجتماعية لحملة الشهادات وحملة الكارنيهات ذات الحيثية.. واحتل مكانها بضعة جنيهات تفتح تلك الأبواب.. لتحصل علي حقك وبداخلك إحساس أنك بيه وبفلوسك.
وللأسف اختفت ثقافة أين حقي أو حتي التمسك بالحق.. واستسلمنا جميعاً للغة ومفردات نسميها تأدباً بالفساد الصغير.. وهي في الحقيقة انحلال في القيم الأخلاقية بدأت ترصدها بوعي دراسة تقوم بها كلية الأداب بجامعة القاهرة وبدأب شديد يسعي د.أحمد زايد عميد الكلية وعضو لجنة الشفافية والنزاهة أن ينتهي منها أول أبريل القادم.. ولكن النتائج الأولية لها تقول الكثير وأهمها أن المواطن فقد ثقته نهائياً في الموظف العام واختفت فيه العدالة لدرجة أنه يحتسب حقه عند الله عندما يضيع منه.
د.أحمد درويش وزير التنمية الإدارية كان واعياً وجاداً في محاربة الفساد عندما كلف د.أحمد زايد بإجراء هذه الدراسة المجتمعية التي ترصد تغير منظومة القيم في المجتمع المصري.. التكليف تم من د.درويش كرئيس للجنة التي تعتبر لجنة غير حكومية وتقاريرها استرشادية.. ولكن حتي التقرير الثاني منها جاء كالشمعة التي تنير أمامنا الكثير من جوانب الفساد الإداري.. ولهذا نحن في انتظار نتائج الدراسة لنعرف موضع أقدامنا.. ونعالج عيوب حياتنا بأيدينا في تجربة فريدة يطبقها د.درويش لمحاربة الفساد والشفافية بأنقي صورها.
جريدة الجمهورية28/2/2009