رجاء النقاش.. القمة والقيمة

رجاء النقاش.. القمة والقيمة

فقدت مصر والعالم العربى والثقافة العربية الأديب الكبير والناقد المتميز "رجاء النقاش".. فى الستينيات كان رجاء لا يزال فى مقتبل الشباب من عمره ومع ذلك إحتل وبسرعة مكاناً ومكانة بين عمالقة النقاد وقتها -رغم أن هذه الفترة كانت تشهد كوكبة من كبار النقاد الذين لم نعوضهم حتى الآن- إكتسب رجاء هذه المكانة لإلتزامه الشديد بالموضوعية والنزاهة المقترنة بثقافة عميقة وأطلاع غزير مكنه من وضع منهج نقدى يبحث عن مواطن الجمال وقيم الحق والخير فى العمل الفنى أو الأدبى دون أى حسابات أخرى.. بل أضاف إلى مهمة الناقد تعريف المتلقى بالمبدعين الذين ظلمتهم آليات النشر وأفتقدوا الذيوع والأنتشار الذى يستحقونه وكان فى هذا يحقق هدفين الأول: تقديم أصوات وأقلام ومدارس أدبية جديدة فى شتى مناحى الأدب.. وثانياً: إتاحة الفرصة للقراء أن يستمتعوا بهذا الإبداع الفنى عنهم.. ولم تكذب حاسته يوماً فيمن قدمهم وأيضاً هم لم يخذلوه فقدموا أعمالاً أثرت كثيراً فى وجداننا ولازالت باقية.. فقدنا "رجاء النقاش" أحد أبرز رموز الثقافة والصحافة فى مصر لنصف قرن وأحد رواد الأستنارة الذى ربما تعود جذوره إلى رواد الأدب والفن والمسرح من عائلة النقاش التى جاءت من الشام مع حملة مشاعل التنوير إلى مصر مع بدايات القرن العشرين مع عائلة "القبانى" أيضاً التى ينتمى إليها الشاعر الكبير "نزار قبانى"، ما تركه رجاء النقاش هو علامة على طريق العقل العربى الحديث يستحق منا أن نعيد نشره سواء الكتب الخمسين التى ألفها أو آلاف المقالات التى تحوى خلاصة فكرة المستنير والذى نحن الآن فى أشد الحاجة إليه فقدنا أنساناً يحمل قيم الأنسانية ويعلو بها فوق كل أعتبار أو أيدلوجية.. إنسان معطاء يعرف المقربون منه أنه لم يطلب لنفسه شيئاً بل كانت سعادته فى تقديم الآخريين والوقوف إلى جانبهم.. رحم الله "رجاء النقاش" صاحب المكان والمكانة... إبن وطنه والإنسانية القيمة والقمة بلا صخب أو ضجيج.. وعوض الله الوطن الذى أحبه خيراً.

راجى جلال
نشر فى العدد 409 فى جريدة القاهرة بتاريخ 19-فبراير-2008
RagyGalal@Yahoo.Com
WWW.Ragy-Galal.BlogSpot.Com
lol!